mercredi 8 mai 2013

قصص التوبه


القصة الأولى

 

الخطيب الشاب

 


بعد غياب طويل عن مسقط رأسي ، 

كان لعودتي إليها طعم خاص ، ونكهة مميزة ، 
وبقيت أقلّب نظري في جوانبها المختلفة ، وفي وجوه الناس ، 
في الجيل القديم منهم ، وفي الجيل الجديد أيضاً وما أكثرهم .. 
بعد هذا الغياب الطويل اشتقت أن أتجول في شوارعها ، وبين حاراتها 
أشاهد بناياتها القديمة ، وأزقتها الضيقة . 
ومن خلال جولة سريعة لم تزد على ساعة فحسب حتى شعرت كأنني لم أغب عنها طويلاً .. 
طويت سنوات طوال في جولة سريعة ، ذلك لأني لم أر شيئا جديدا أقيم إلا النزر اليسير ، وأما القديم فأكثره قد بدا متهالكا .. 
في اليوم التالي كنا نستعد لصلاة الجمعة في الجامع الكبير ، الذي اتضح أنه اتسع وامتد ، وطال وعرض ، 
وجعلت أسدد نظري إلى المنبر ، ترى هل سيصعد نفس الإمام الذي تركته منذ سنوات ، 

أم أنه قد تغيّر ؟ 

غير أني فوجئت بشاب ممتلئ الجسم كث اللحية ، يواجه الناس بالسلام في ثقة تتجلى في نبراته ، ثم شرع يتحدث بسلاسة وفي قوة ، 

وكانت خطبة رائعة ، لاسيما وقد كان صوته جهوري ونبرته مؤثرة .. 
- بعد الفراغ من الصلاة بادرت اسأل من كان برفقتي يومها ، عن هذا الخطيب الشاب المتميز ، فضحك مرافقي وقال : 
أما عرفته ؟ إنه ( فلان ) ..! 
ولم أصدق ..! وهززت رأسي كأني أقول له : لا .. 
لعلي توقعت أن يذكر أسماء لكثيرين أعرفهم ، ولكن ( فلان ) هذا بالذات ما كان على الحساب أبداً ، 
- في ذلك اليوم نفسه حرصت على زيارة الخطيب الشاب في بيته ، 
وكنت قد عرفت عنوان داره ، وخلال الطريق إليه عدت بذاكرتي إلى الوراء ، 
لأسحب منها مشاهد تتعلق بهذا الشاب نفسه ، 
فرأيت ثم رأيت أمراً عجبا ..! 
لقد كنا مجموعة على عدد أصابع اليد الواحدة نبادر إلى الصلاة إذا سمعنا النداء ، 
وكان المسجد لا يبعد عن المكان الذي نلعب فيه كثيراً ، 
وكان صاحبنا هذا يرفض الذهاب ، بل ربما أطلق أحيانا عبارات ساخرة منا ، 
وكان يؤثر أن يبقى مع مجموعة أخرى كبيرة مواصلاً اللعب معهم 

في ألعاب يدخل في أكثرها صورة القمار الصريح .. 
وحين نفرغ من الصلاة ونعود إليهم سريعا ، ربما استقبلنا هؤلاء الأصحاب وهو معهم بسخرية جديدة ..! 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

نرجو التفاعل

;